المدوّنة

العودة الى القائمة

ثقافة الذهب الأسود

01 مارس 2011

إن فرصة التمثيل في فيلم عربي ضخم لا تتحقق كل يوم، لذا انضموا إلينا في مرافقتنا لمحمد ابراهيم في رحلته المثيرة، أمام وخلف كاميرا فيلم “الذهب الأسود” الذي تم تصوير جزء منه في قطر.

اليوم الثالث:
حسناً كان اليوم متقلباً جداً. الآن وبعد أن فكرت ملياً في الموضوع، إن الحياة كلها عبارة عن تقلبات!

يمكن للمثلين أن يكونوا متطلبين جداً. لحظة، دعوني أعيد صياغة ما قلته. الممثلون فعلاً متطلبون جداً.

من الواضح أنهم هنا للتركيز فقط على طريقة أدائهم لأدوارهم. وكل شيء آخر – من لحظة وصولهم إلى موقع التصوير، إلى حين يجلسون لتناول الطعام، ثم يعودون إلى مقطوراتهم، أو يذهبون إلى ارتداء الأزياء الخاصة بالفيلم ووضع الماكياج – يديره شخص آخر، وهذا الشخص هو أنا.

ومع فريق من ثمانية ممثلين وشخص آخر ليساعدني، تصبح المهمة صعبة جداً. فقد كنت أتواصل مع السائقين، وقسم الملابس، وقسم الماكياج، والمساعد الثاني للمخرج لتحديد أوقات التواجد في موقع التصوير، وآخرين بحاجة لمساعدتي…وفي بعض الأحيان كنت أضطر لفعل كل ذلك في الوقت ذاته!إنها إحدى المهام التي كنت أتمنى أن أمتلك لها خمس آذان، وعينين في مؤخرة رأسي، وحاسة سادسة لأحزر ما يدور في خلد الممثلين.

هناك فرق بين أن تكون ممثلاً وأن تكون مساعداً. إن الأمر يتطلب سرعة بديهة وانتباهاً يطال التفاصيل الصغيرة والكثير – وأنا أعني فعلاً الكثير الكثير- من الصبر.

فقد كان يجب أن أكون على دراية بالأمكنة التي يتواجدون فيها طوال الوقت بموقع التصوير أو في المخيم، وهذا هو التحدي الأكبر. قد أكون في لحظة ما متفرغاً، وفي اللحظة التي تليها مباشرة، قد يُطلب مني أن أخبر كل الممثلين بالتواجد في موقع التصوير في الحال. هذا هو الجزء الذي سترونني فيه أركض في أرجاء المكان دون توقف، لحوالي ساعة من الزمن للعثور على الجميع، وأخذهم إلى قسم الماكياج وتجهيزهم لمشاهدهم، بينما أحاول أن أتذكر كم ملعقة سكر يفضل كل واحد منهم في قهوته. في هذه اللحظة أيضاً، أنا أحمل حقائب ظهر لثلاثة ممثلين، وأتحدث على جهاز اللاسلكي وهاتفين آخرين… لكن يا إلهي، كم أحب فعل ذلك.

اليوم الثاني:
إنه اليوم الثاني لركوب الجمال في صحراء خور العديد، وأنا بدأت لتوي من التعود على موازنة نفسي بشكل جيد حين يهرول جملي. إلى جانب إدراكي ضرورة التقرب من جملي، وواقع أن قفاي يؤلمني، أدركت أيضاً كم هي حيوانات قوية. إن قدرتهم على التحمل تفوق قدرة أي حيوان آخر رأيته في حياتي. فإنه يمكنها أن تمشي عشرات الكيلومترات دون توقف، دون أن ينهكها ذلك، على الرغم من أن تنقلها قد يعني الصعود فوق الكثبان الرملية دون أن تخف سرعتها. إنها فعلاً حيوانات خلقت للصحراء، وتأقلمت مع محيطها.

إنه محيط يشعرني بالروعة حين أسير فيه. لمجرد التفكير بأن أحد أجدادي كان يمر من هذا المكان، منذ ما يقارب السبعين عاماً، على ظهر جمله. الاختلاف الوحيد هو أنه لا بد وأنه كان يتنقل على جمله لهدف معيّن. لا بد وأنه كان في رحلة هدفها تحصيل الرزق والاستمرار، بينما أنا هنا أحضّر لأداء دور في فيلم. يا إلهي؛ كم غيّر الزمن في هذه البلاد بسرعة فائقة. ربما ذهب الكفاح في الصحراء للبقاء إلى غير رجعة، لكن ومع ذلك، ها أنا ذا أمتطي جملاً في الصحراء تماماً كما كان يفعل أشجع شجعان أجدادي.

اليوم الأول:
بدأ تصوير فيلم “الذهب الأسود”. اليوم، استيقظت للمرة الأولى كممثل ذاهب لموقع التصوير. ويا لها من طريقة لبدء التصوير في الدوحة!

لبست الزي الذي صمم على مقاسي سابقاً وخضعت لجلسة ماكياج مملة. تألف الماكياج هذا من مراحل ثلاث. الأولى عبارة عن ماكياج لصنع مظهر الانهاك على الوجه والرقبة. فيبدو الجلد محروقاً وجافاً. لاحقاً ولدى الوصول إلى موقع التصوير، يغطينا خبراء الماكياج بالغبار، على ثيابنا والأماكن الظاهرة من أجسادنا، كالذراعين، واليدين، والأرجل والأقدام. والجزء الأخير هو اللمسات الأخيرة قبل البدء بتمثيل المشهد.

الجميل هو أنه طوال اليوم، كنت ضمن فريق التمثيل، وهذا يعني أن أتنقل برفقة الممثلين الآخرين إلى موقع التصوير، وأن نرتاح في الخيمة ذاتها في الفترات الفاصلة ما بين المشاهد، وحتى أن نتناول وجباتنا سوية.

الأمر الأكيد هو أن الطقس ساعدني كثيراً لكي أنغمس بشكل أعمق في الشخصية التي ألعبها. فحين كنت أمشي بين الكثبان الرملية أثناء تصوير المشهد الثاني المقرر لليوم، بدأت الرياح تهب بسرعة كبيرة، دافعةً بالرمال إلى وجهي. وقد ساعدني ذلك في الغوص أكثر في الشخصية، من خلال اختباري الظروف ذاتها التي لا بد وأنها مرت على هؤلاء الناس فيما مضى، عن كثب. كما أني منعت نفسي من شرب حاجتي من الماء، حتى أتمكن من أداء دور الاحساس الحقيقي بالعطش.

blog comments powered by Disqus