المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: كليوباترا (1963)

04 أبريل 2011

بقلم جايمس روسن، قسم الاعلام الجديد بمؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: كليوباترا
العام: 1963
المخرج: جوزيف مانكيويكز
النوع: سيرة حياة، دراما، تاريخ
بطولة: إليزابيت تايلور، ريتشارد بورتون، ريكس هاريسون، مارتين لاندو

لو كان هناك مثل لإنتاج سينمائي يطغى على المنتج النهائي، فإن فيلم “كليوباترا” للمخرج جوزيف أل مانكيوكز عام 1963 هو أفضل مثال على ذلك. فلقد تم تحديد ميزانيته بمليونيْ دولار أميركي، وانتهى به المطاف إلى أن كلف 46 مليون دولار (يجعل منه ذلك الانتاج السينمائي الثالث الأكثر كلفةً في التاريخ). تم تشييد كل مواقع التصوير في لندن، ثم تم تفكيكها ليعاد بناؤها في روما بسبب المشاكل الصحية التي كانت تعاني منها الممثلة أليزابت تايلور (أصرت على أنها غير قادرة على العمل في الطقس الانكليزي)؛ تم تغيير ممثلي الأدوار الرئيسية مراراً وتكراراً بسبب التغييرات الكبيرة في مواعيد التصوير، وفي الوقت الذي كان المنتجون قد أنفقوا ما يقارب السبعة ملايين دولار، لم يكن أي مشهد صالح متوفراً بعد.

باستطاعتي قول المزيد – فالاحصائيات حول تصوير فيلم “كليوباترا” تبدو أنها بلا نهاية، وقد دخلت إلى موسوعة أساطير هوليوود. لكن في الوقت الذي تبدو فيه قصص كوابيس الانتاج مألوفة لدى محبي السينما، يظهر أن الجيل الجديد (من ضمنهم أنا شخصياً حتى هذا الأسبوع) لم يشاهدوا الفيلم. ومع وفاة تايلور، بدا أنه الوقت المناسب للرجوع إلى الوراء وإبداء الرأي في ما يمكن أن يكون أحد أشهر أدوارها السينمائية.

مدة الفيلم أربع ساعات (تم تقصيرها من المدة الأصلية للمخرج وهي ست ساعات)، “كليوباترا” هو في الحقيقة فيلميْن. الأول يبدأ مع قيصر (ريكس هاريسون) وهو يصل إلى شواطئ الاسكندرية، مستعداً للزواج بكليوباترا (أليزابت تايلور)، ليوحد ما بين الامبراطوريتيْن مصر وروما. وبعد النهاية المأساوية التي يواجهها قيصر، يخطو يده اليمنى مارك أنطونيو (ريتشارد بورتون)، ليسرق قلب كليوباترا. ويحاول مارك أنطونيو وكليوباترا الاطاحة بأوكتافيان الذي سيطر على الامبراطورية الرومانية، أملاً أن يحكماها سوياً.

أول الملاحظات على فيلم “كليوباترا” هو أنه وعلى الرغم من إهدار ميزانية الفيلم، نجح البعض منه للوصول إلى الشاشة، كما أن تصاميم المشاهد والأزياء رائعة جداً. في الحقيقة، كلمة مدهشة هي الأنسب لوصف الممثلة إليزابت تايلور وهي تمثل مرتديةً الأوشحة العديدة في الفيلم. في عالم اليوم، الذي تراعي فيه السينما مشاكل البيئة والانبعاثات الكربونية، لن نتمكن من رؤية تصاميم مشهدية كتلك التي في هذا الفيلم – كبيرة، وواسعة وذهبية، وهياكل مرصعة بالجواهر، وأساطيل بحرية مبنية من أجل المشاهد الكبيرة في البحر. إنها فعلاً منظر لا يتكرر: تفوح منها رائحة الأموال الطائلة، لكن في الوقت ذاته، تعطي شعوراً بالزيف والابتذال.

video#1

أما الدراما الانسانية للفيلم، فتبدو أقل إبهاراً. فمع العدد الكبير للمخرجين والكتاب الذين شاركوا في المشروع، لو كان هناك سيناريو رائع لهذا الانتاج السينمائي، لضاع بالتأكيد على طريق إنجازه. هناك الكثير من الحوارات الطويلة غير المتقنة, كما أن تايلور لم تتمكن من إقناعنا بأنها صالحة للدور أو للفيلم برمته.

ومع ذلك، إني أنصح بمشاهدة هذا الفيلم، لأنه يكشف الكثير عن البذخ وعجرفة وسخافة المدرسة الهوليوودية القديمة. لم يعاودوا ارتكاب أخطاء مماثلة، فعلاً توقفوا عن ارتكابها. وبما أنه يبدو أن أنجيلينا جولي تستعد للتمثيل في نسخة جديدة (كلا، مازالت هوليوود لم تنسجم مع فكرة أنه يفضّل إحضار ممثلة عربية للعب هذا الدور)، نأمل أن تتمكن هوليوود من إنجاز الفيلم ضمن الميزانية المحددة.

blog comments powered by Disqus