المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: فوردسن- إيمان، صوم وكرة قدم

22 يوليو 2013

بقلم أميلي ريوبوش

في ديربورن في ميتشيغن في الضاحية الجنوبية الغربية لديترويت، تقطن أكبر جالية عربية في مدينة واحدة خارج منطقة الشرق الأوسط. العديد من المتاجر هناك تضع لافتات باللغة العربية والمساجد منتشرة في كل مكان. ديربورن هي أيضاً المكان الذي ولد وعاش فيه هنري فورد، مؤسس وصاحب أول شركة ضخمة لصناعة السيارات، وهي اليوم المقر الرئيسي العالمي لشركة فورد للسيارات. هذا التناقض الفريد بين الفكرتين هو المحور الرئيسي لفيلم “فوردسن: الدين، الصوم وكرة القدم”.

يتبع هذا الفيلم الوثائقي فريق كرة القدم الأميركية في ثانوية فوردسن حيث يستعد لمواجه منافسيه في أضخم مباراة في موسم 2009، والتي تصادف في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان وفي الوقت نفسه الذكرى السنوية الثامنة لهجمات 11 سبتمبر. على الرغم من أن الرياضة هي موضوع العديد من الأفلام القوية (منها “رودي“، “كنا مارشالات“، “أضواء ليلة الجمعة“، “تذكروا آل تيتان”)، لكن هذا الفيلم مختلف تماماً. فمنذ بداية الفيلم تظهر مشاهد من اللعبة بينما تعلو بوضوح موسيقى الإسلاموفوبيا اللاذعة مشيرة إلى فكرة ما. من الواضح بأن لدى هذه المجموعة من الفتيان الكثير من التحديات لمواجهتها، فالأمر ليس مجرد رياضة عادية.

يعيش في ديربورن عدد كبيرمن المسلمين، لكن العلاقة معهم لم تكن جيدة طيلة السنين الماضية. ومن المفارقات أن ثانوية فوردسن التي بناها هنري فورد، يتعلم فيها حوالي 95% من المتحدرين من العرب. ويظهر في الفيلم العديد من الأمثلة الأخرى التي توضح معاناة الفريق والمدرسة والمجتمع من العنصرية.

لكن “فوردسون” ليس فيلماً عن الكراهية. إنه فيلم حول الأطفال الأميركيين الذي يحملون أسماء مثل علي وبلال وحسن الذين يصلّون باتجاه القبلة (مكة) خمس مرات في اليوم، ولا يستطيعون شرب المياه بالرغم من تدربهم لساعات طويلة في الشمس استعداداً لمباراتهم التي تتوج الموسم. إنه فيلم عن مجتمع قوي وعن ورع الأسر والأجيال العربية خلال ذروة موسم كرة القدم في مدرسة ثانوية. المدرب زابان، شأنه شأن العديد من مساعديه، يبذل قصارى جهده للمحافظة على فريقه وسط التعب والعطش ويحثهم للوصول إلى القمة والمجد. ينظر الأولاد طويلاً إلى نافورة المياه في الملعب ويتمازحون بأنها تبدو كنافورة من الجنة. “إنها كمياه زمزم“، يقول أحدهم ضاحكاً. يوضح أحد مساعدي المدرب – وهو غير مسلم – بأنه يصوم أيضاً، لذلك فهو يفهم تماماً ما يشعر به الأولاد ويعانونه، ومتى يمكن أن يكون التدريب قاسياً جداً عليهم.

بعيداً عن التدريب، يذهب الأولاد إلى منازلهم ليناموا قبل موعد الإفطار. عند الإفطار تجتمع الأسرة معاً ويبدأ الجميع طعامهم بتناول التمر، وهو تقليد متبع لا يمكن تخطيه بالرغم من المباراة التي تنقل في الوقت نفسه على التلفزيون. بعد ذلك، يمكنهم اللقاء في متجر 7-11 لتناول وجبات الطعام السريعة والمزاح مع نظرائهم من ثانوية ديربورن المنافسة الذين يتوجهون للمتجر نفسه لتناول بعض المقرمشات.

هذا النوع من التناقض أو التناقض المفترض الذي نتابعه عند هؤلاء الأولاد في المواءمة بين مختلف جوانب حياتهم بطريقة سلسة، هو الموضوع الرئيسي للفيلم. ويأتي عرض العديد من جوانب الحياة اليومية ليشكل القصة المهلمة ويقدم المعلومات المختلفة عنهم، بغض النظر عن المشاهد وخلفيته الثقافية. في المحصلة، يقدم فيلم “فوردسن: الدين والصوم وكرة القدم” دروساً عديدة حول قدرة على مواجهة التحديات والتغلب عليها.

للترجمة العربية اضغط على

Fordson - Faith, Fasting, Football - Trailer

blog comments powered by Disqus