المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: الفيلسوف (2010)

18 أبريل 2011

بقلم طارق أبو أسبر، من قسم الاعلام الجديد بمؤسسة الدوحة للأفلام

الفيلم: “الفيلسوف”
العام: 2010
إخراج: عبدالله الكعبي
النوع: قصير
بطولة: جان رونو، سيريل ثوفونين

يتمكن آلاف المخرجين من إنتاج أفلامهم الأولى القصيرة قبل أن يبلغوا الخامسة والعشرين من أعمارهم، لكن قلةً منهم قادرون على اجتذاب الأسماء الكبيرة للتمثيل فيها. غير أن هذا بالضبط ما حصل مع المخرج الاماراتي عبدالله الكعبي، حين تمكن من إحضار الممثل الفرنسي الأسطوري جان رونو لأداء دور البطولة في أول فيلم قصير له “الفيلسوف”.

ويدور الفيلم المقتبس من ‘قصة بادجيو’ حول بطل الرواية الذي يبقى دون ذكر اسمه (جان رونو) والذي عاش حياةً ناجحة، غير أن رغبته بأن يذكره الناس بالفيلسوف تثقل كاهله. ولتحقيق هذه الغاية يتخذ سلسلة من القرارات الخاطئة، بادئاً بالتخلي عن كل ممتلكاته… ومن ضمنها ثيابه! يقرر بعدها أن يستسلم بإرادته، إذا كان يريد أن يحرر فكره.

بعد بحث طويل، يعثر على شخص مستعد لاتخاذ كل قراراته بدلاً منه: شاب فذ يدعى ليو (سيريل ثوفونان). وبعد أن يصبح خالي المسؤوليات، يعمد جان رونو إلى تنفيذ كل أوامر ليو، بدءاً من مشاهدة التلفزيون لثماني ساعات متواصلة، إلى تناول الطعام الذي يطلب منه أن يأكله.

ويقوده روتينه الممل، ولا مبالاة “سيده” الواضحة تجاه المسؤولية التي يوكله بها، إلى العديد من الشكوك والمشاحنات – هل ستقوده عبثيته إلى تحقيق هدفه؟ يجدر القول إن هذا الفيلم لا يبدو أبداً الأول لطالب، حيث أن الكعبي ينجح في إغراقنا بسرعة في عالم الفيلسوف، عبر المشاهد الرائعة.

كما يبدو فريق الممثلين الصغير متنقىً بعناية، لا سيما الممثل السينمائي والمسرحي الفرنسي سيريل ثوفونان أمام نظيره الفرنسي المشهور. في الوقت ذاته، يلعب رونو دوره بهدوء وتأني الممثل المحنك، ويؤجج فينا الرغبة في معرفة مصير الشخصية التي يلعبها.

لكن ما هو غير مألوف في هذا الفيلم القصير لمخرج عربي، هو أنه ناطق باللغة الانكليزية، وتجري أحداثه في مكان غير محدد ولكنه أوروبي الطابع. إنه ليس قصة عربية تعود الجمهور على مشاهدتها. “الفيلسوف” هو قصة عن الشعور بالوحدة والصداقة، وهي مواضيع كونية مصورة في إطار كوني.

إن رؤية مخرج عربي شاب، لا يقع في فخ محاولته إخبار قصة قد يعتبرها البعض قصة عربية، تبعث للكثير من المعنويات. فقد عثر المخرج على قصة شغف بها، وتبناها، وكانت النتيجة فيلم يظهر إمكانياته الاخراجية.

بعد أن عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان دبي السينمائي الدولي 2010، في ديسمبر الماضي، لا يزال يدور ويجول في المهرجانات، وقد تمكن حتى الآن من إحراز ثلاث جوائز في مهرجان لوس أنجلوس السينمائي، هوليوود. سيعرض هذا الشهر أيضاً في نيويورك في فئة الأفلام القصيرة لمهرجان ترايبكا السينمائي العاشر.

video#1

لكن الكعبي لا يفرد نفسه ليستريح على أمجاده. فبدلاً من الاسترخاء والاستمتاع بوقته وهو يسافر مع الفيلم حول المهرجانات، إنه يخوض مرحلة ما قبل الانتاج لفيلمه الروائي الأول. الكوميديا الرومانسية التي ستجري أحداثها في دبي، ستضمن أيضاً جان رونو في دور البطولة، هذه المرة إلى جانب النجمة الفرنسية الصاعدة فيرجيني لودوايان. من الواضح أنه بانتظارنا الكثير من هذا المخرج الخليجي الشاب.

blog comments powered by Disqus