المدوّنة

العودة الى القائمة

نقد سينمائي: على وشك أن تمطر

09 يونيو 2013

بقلم نيكولاس دايفس

تناول حيدر رشيد في تجربته السينمائية الأولى، قضية الصعوبات التي يواجهها المهاجرون في أوروبا. وكان صريحاً في الاشارة إلى التصرّفات العنصرية التي يتعرّضون لها.

تدور قصة “على وشك أن تمطر” في إيطاليا، حول عائلة جزائرية تتألف من الوالد حامد مهوان (60 عاماً) الذي استقر في البلاد منذ 30 عاماً، وابنيه سعيد (26 سنة) وأمير (23 سنة). الزوجة متوفاة بعد أن ولدت سعيد وأمير في إيطاليا. بالنسبة إليهما إيطاليا هي الوطن، أما الجزائر فهي كالحلم الغريب، إذ أنهما لم يزوراها مطلقاً.

يصف رشيد الوضع الذي تعيش فيه العائلة متسخدماً عناصر بسيطة جداً، بتأنٍ بالغ وحرص شديد. يعمد إلى إدخالها شيئاً فشيئاً في القصة فتبدو عليها الأناقة. ونشعر أنه دون موهبته الفذّة لكانت بدت لنا غريبة وغير مستساغة. في بداية الفيلم على سبيل المثال، ينتظر سعيد بفارغ الصبر المباراة النهائية لكأس أوروبا. هذا الحدث بحد ذاته يجعلنا ندرك أن سعيد إيطالياً حتى العظم، على عكس ما تقوله أوراقه الثبوتية. لقد طلى وجهه بألوان العلم الايطالي وبدأ يغني النشيد الوطني بحماسة شديدة. كما أن العائلة لا تتحدث العربية طوال مدة الفيلم إلا نادراً.

الأزمة الاقتصادية العالمية، عنصر بسيط آخر، يستخدمه رشيد من أجل تأمين أرضية خصبة لسلسلة من الأحداث التي تمكّنه من البحث في معنى الانتماء والهوية. فجأةً يمنع تجديد التأشيرات، ويصبح مبدأ منح الاقامة للغرباء مرفوضاً. هكذا يضطر سعيد وأمير للعودة إلى بلد لم يعرفانها بتاتاً.

يركّز الفيلم بمعظمه على الأثر العاطفي والنفسي لهذا القرار المفاجئ على العائلة وعلى شخصية سعيد الممزّق بين بلديْن. إنه غير قادر على الاستيعاب أنه غير إيطالي، وفي الوقت ذاته، يعترف بأصول والده الجزائرية. ينجح الممثل الجديد على الساحة الفنية في أداء هذا الصراع الداخلي بحرفية مذهلة.

الملفت في الفيلم هي تلك الجمل الصريحة والمباشرة التي يستخدمها في توصيف التصرفات العنصرية والاستفزازية التي يمارسها الأوروبيون على زوارهم أحياناً. وعلى منصة القاضي، الذي يتجاهل نداء استغاثة الأسرة وهي تطالب بمعاملة عادلة، مكتوب بأحرف كبيرة: “القانون مساواة بين الجميع”.

تصلنا الرسالة في النهاية: يا ليت ذلك كان صحيحاً.

blog comments powered by Disqus